تمثل معتمدية اللاجئين في السودان إحدى أهم المؤسسات الإنسانية التي تعمل على تقديم الدعم والحماية للاجئين، وهي تشكل ركيزة أساسية في استجابة السودان للتحديات التي فرضتها موجات اللجوء المتتابعة من دول الجوار. على مدار تاريخها، لعبت المعتمدية دورًا حيويًا في توفير الأمن والرعاية للاجئين، مستندة إلى التزام راسخ بالمواثيق الدولية والقيم الإنسانية. بدأت رحلة المعتمدية منذ ستينيات القرن الماضي، عندما استقبل السودان أول فوج من اللاجئين الزائيريين عام 1965، لتتوالى بعدها موجات اللجوء الناتجة عن الصراعات والنزاعات في الدول المجاورة. ومع تزايد أعداد اللاجئين، استجابت الحكومة السودانية بإنشاء مكتب معتمد اللاجئين في 1968، بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ومنذ ذلك الحين، شهدت المعتمدية تطورًا كبيرًا في اختصاصاتها وهياكلها التنظيمية، بما يعكس تفاعلها مع المتغيرات الإقليمية والدولية. تتجلى رسالة المعتمدية في توفير الحماية الدولية للاجئين وضمان حقوقهم الأساسية، من خلال التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والجهات المانحة. وتسعى المعتمدية إلى تحقيق التوازن بين تقديم الدعم الإنساني العاجل والعمل على حلول طويلة الأمد، مثل العودة الطوعية للاجئين وتنفيذ مشاريع تنموية تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي لهم. وعلى المستوى المحلي، تعمل المعتمدية بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لتخطيط وتنفيذ المشاريع التي تدعم المجتمعات المضيفة وتخفف من آثار اللجوء عليها. كما تركز على تقديم خدمات الصحة والتعليم وبناء المستوطنات، بما يضمن اندماج اللاجئين في المجتمعات المضيفة وتحسين ظروفهم المعيشية. في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، تظل معتمدية اللاجئين نموذجًا للعمل الإنساني المسؤول، حيث تجمع بين الاستجابة السريعة والنهج المستدام. ومن خلال رؤيتها الشاملة، تسعى المعتمدية إلى تعزيز مكانة السودان كدولة مضيافة وملتزمة بمبادئ التضامن الإنساني، مستفيدة من الدعم الدولي والشراكات المحلية لتحقيق رسالتها النبيلة.